الشعار الذي يرفعه النائب السابق نجاح واكيم لخوض معركته الانتخابية في دائرة بيروت الثالثة ليس الوصول إلى سدة البرلمان بقدر ما يضيف الى سجل حركة الشعب مواطنين جددا يؤمنون بمبادئ هذه الحركة القائمة على الثوابت الوطنية
ونبذ كل ما يرمز إلى الطائفية والمذهبية في الحراك السياسي القائم اليوم في البلاد، وتقديم ما يشبه نموذجاً سياسياً مغايراً يؤمن بالعدالة والمواطنية أيا تكن انتماءاتها، ومن هنا تجده مرتاحا الى معركته في اللائحة التي تضمه مع تسعة آخرين، والتي وصفها قبل ايام قليلة من السابع من حزيران بأنها ستكون "الأجمل" نظراً الى الحيثيات التي يملكها من هم على لائحته.
واكيم الذي هو واحد ممن اسقطوا السابع عشر من ايار يرى ان هذا المشروع يعاد انتاجه، ولكن وفق ظروف سياسية واقليمية ودولية مغايرة، ويطمئن الى ان "وضعنا اليوم افضل بكثير من ذي قبل".
الانتقاد التقت رئيس حركة الشعب نجاح واكيم وسألته عن ذكرى السابع عشر من ايار وصولا الى الانتخابات النيابية واستعداداته.
ـ في شهر أيار من العام 83 كنت واحداً ممن اسقطوا اتفاق السابع عشر من ايار، بين هذا التاريخ واليوم ماذا بقي من هذا المشروع؟
لا يزال مشروع الأميركي والإسرائيلي يصارع في لبنان والمنطقة. ففي العام 82 كان هناك هجوم أميركي إسرائيلي، الغاية منه استكمال مشروع "كامب دايفيد" وإخضاع المنطقة لمشروع ما يسمى بالسلام مع "إسرائيل"، وأقول هنا انه من المهم جداً إعادة قراءة 17 أيار، على اعتبار هذا المشروع اخطر من مشروع "كامب دايفيد" لكونه كان يضع لبنان بالكامل تحت الهيمنة الإسرائيلية امنياً وسياسياً واقتصادياً.
في العام 2004 أعادت "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية تجديد هذا المشروع مستفيدين من انهيارات كبيرة في المنطقة منها الاحتلال الأميركي للعراق إلى التراجع العام بالوضع العربي، وفي هذا السياق شهد العام 2005 محاولة اجتياح أميركي إسرائيلي للبنان على غرار الاجتياح عام 82، وكان شرط اكتمال الانقلاب الأميركي الاسرائيلي في البلد هو كسر المقاومة، لذا حاولوا استيعابها سياسياً ومحاصرتها وفشلوا، وكانت الذروة في عدوان تموز، وفشل هذا العدوان شكل بداية مرحلة معاكسة، ولكن لا يزال الصراع قائما، ففي الوقت الذي نشهد فيه اكتشاف الشبكات الإسرائيلية، وان قسما كبيرا من مرشحي الموالاة جاءت تسميتهم من السفارة الاماركية، الى المال السعودي، هذا يعني ان الصراع ما زال قائما على لبنان والمنطقة، وبالتالي لا يزال ضرب المقاومة في لبنان والمنطقة قائماً.. إذاً، ماذا بقي من هذا المشروع؟ بقي النظام العربي الرسمي نفسه الذي تواطأ في العام 82 وعاد وتواطأ في العام 2006، وتحديدا النظام المصري والسعودي والأردني، واليوم يُستكمل من خلال دوره في العملية الانتخابية، ولكن يمكن القول ان حظوظ هذا المشروع تبدو ضئيلة عما كانت عليه قبل أربع سنوات.
ـ بعبارة أخرى هل يمكن القول ان الظروف التي كانت سائدة آنذاك يُعاد انتاجها من جديد اليوم؟
يُعاد إنتاجها نعم، ولكن هل الظروف متطابقة لا، بعضها لمصلحتنا وبعضها ليست لمصلحتنا، منها الدور الفاعل الإيراني بخلاف الماضي، تركيا والتحول الحاصل فيها، الأزمة الاقتصادية العالمية، وتأثيرها على قدرة الأميركي على العدوان، كلها عوامل لمصلحتنا، ثم لم تعد المقاومة في لبنان رقما مزعجا، صارت رقما إقليميا صعبا، بالمقابل هناك عوامل سلبية لا تصب في مصلحتنا منها: وقاحة النظام الرسمي العربي بالتبعية، الحضور الأميركي المباشر في العراق، انقلاب في دور السنية السياسية على المقاومة، ولكن أستطيع القول ان وضعنا أفضل مما كان عليه في الماضي على كل صعيد.
ـ لندخل في ما يشغل البال اللبنانيين، وهو الانتخابات النيابية، ماذا يريد نجاح واكيم من هذه الانتخابات في بيروت الثالثة؟
الكل يعرف رأيي، وهو خطورة قانون الانتخاب الذي على أساسه تجري الانتخابات النيابية اليوم، والأيام ستثبت ان معركة بيروت الثالثة ستكون من أجمل المعارك..
ـ (نقاطعه).. من حيث...؟
.. من حيث نحن معطلون فيها، اخطر سلاح الذي يستخدمه خصومك وهو السلاح المذهبي، كون لائحتنا ليست حزبية ومكوناتها تجمعهم المواقف الوطنية، ومواجهة الطائفية والمذهبية، هذا السلاح الخطير يلجأ إليه الفريق الآخر بكل تلاوينه، أي تيار المستقبل، إلا ان هذا السلاح فعاليته ضئيلة في مواجهة لائحتنا التي لا لون طائفيا فيها. أهمية معركة بيروت هي النجاح الذي سنحققه من حيث عدد الأصوات التي لن تضرب "التيار" بعينه بل تركيبة الطائفية في لبنان..
ـ .. ولكن المعركة قائمة على التحريض المذهبي والطائفي، وهذا بنظرهم يربّحهم؟
سأروي لك قصتي مع سماحة السيد حسن نصر الله، في لقاء جمعني معه، قلت له يومها أنت أقوى رجل واضعف رجل في البلد في آن معا: قال لي كيف؟ قلت قوتك نابعة من قوة تنظيمك ومقاومتك، واضعف رجل لأنك أكثر شخص تسعى للهرب من الحرب الأهلية، قال لي صحيح، من هنا اريد ان اقول انه بقدر ما تبطل فعالية هذا السلاح بقدر ما انت تكون ناجحا في معركتك، لذا دائما أطالب المعارضة بالعمل على قيام جبهة معارضة وطنية تضع مشروعا يتجاوز الطائفية.. الآن خصمك يستخدم اقذر سلاح، الطائفية..
ـ .. كيف ستواجهه؟
أنا أقول هذا السلاح لن يكون ذا فعالية بالنسبة لنا، لان تشكيلتنا الانتخابية بعيدة كل البعد عن الطائفية والمذهبية، وبالتالي مهما حاول التصويب عليك لن تصيبك أي رصاصة، ثم ان هناك سلاحا آخر وهو سلاح المال، هذا لا يمكن ان نجاريه، ولكن في المقابل لدينا سلاح لمواجهته هو ان أحداً لا يستطيع أن يتهم مرشحينا على لائحتنا بالرشوة، هناك سمعة نظيفة لدينا، فيما هم سمعتهم سيئة وفاسدة، من هنا اقول معركتنا تحمل بعدا سياسيا ووطنيا، وأي انتصار نحققه في هذا لاطار ستكون تداعياته ليس على تيار المستقبل فحسب، بل على كل فريق الرابع عشر من آذار وما يحمل من مشروع اميركي إسرائيلي عربي.
ـ ما هي حظوظكم في كسب المعركة الانتخابية في بيروت الثالثة؟
أولاً كلمة النجاح تعني لي كيف يمكن إيصال خطابنا الى مئة مواطن جديد، وبهذا نكون ربحنا المعركة، الأمر الثاني: كيف يمكن ان تقدم نموذجاً مع خصمك السياسي بخلاف النموذج القائم اليوم على العصبيات، والأمر الثالث: أقول لك نحن متفائلون.
ـ .. بخلاف كل المرات؟
أنا بعرف انه بحياتي لم اسقط، سقطت مرة واحدة في العام 2005 وكنت يومها دون حليف.. اليوم الوضع يختلف تماماً، فلدي حلفاء، ثم إذا أجرينا مقاربة بين مرشحينا ومرشحي اللائحة الثانية، فنحن نملك حيثية وطنية وسياسية، فيما هم لا حول لهم ولا قوة، فضلا عن الموقف الوطني، لان البيروتي لا يمكن ان ينسى صورة جعجع الفاسدة، أشير هنا بالمناسبة الشعار الذي رفعوه ما مننسى والسما زرقا، نحن نقول ما مننسى والسما زرقا، ما مننسى الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، ما مننسى القوات اللبنانية والسبت الأسود، ما مننسى عملاء "إسرائيل" وماذا فعلوا ببيروت. ليس سهلا على ابن بيروت ان يصدق ان جعجع قديس، ولا الجميّل الذي لا توجد فيه صفة حسنة..
ـ من هنا كيف سنقبل على الانتخابات في ظل هذا الاشتباك السياسي والمذهبي؟
أولاً ليس بمقدور احد في الداخل ان يخربط الانتخابات إذا لم يكن مسنودا من الخارج. في العام 2005 جرت الانتخابات في ذروة هجوم أميركي إسرائيلي رجعي عربي، اليوم موازين القوى مختلفة، وبالتالي النتائج ستكون مختلفة، الأمر الثاني: هل يقدمون على تفجير الأوضاع؟ هذا ربما كان سيتحقق قبل ثلاثة أشهر أما اليوم فلا، لسبب واضح لان الخارج الداعم لهم ليس في أحسن حال، فبالتالي أي خربطة لن تصب لمصلحتهم، لذا هم يختارون بين السيئ والأقل سوءاً، من هنا نرى حجم التدخل الاميركي في الانتخابات..
ـ (نقاطعه) كيف تقرأ هذا الحراك الأميركي اليوم على الساحة المحلية؟
هذه الحركة المكثفة دليل على أنهم يريدون الانتخابات، لان وضع جماعتهم غير مريح، لذا يسعون بكل جهدهم لتأتي النتائج بأفضل ما يكون، من هنا أتى ترشح الرئيس السنيورة في صيدا بضغط أميركي سعودي مصري لقطع الطريق سياسيا على المقاومة من بوابة الجنوب.
ـ أنت صاحب كتاب "الايادي السود" بماذا ترد على رافعي شعار العبور إلى الدولة؟
هذا أولاً اعتراف بأن ما نحن فيه ليس بدولة، وما كنا فيه ليس بدولة، طالما انتم سعيتم يا جماعة الموالاة إلى لا دولة، كيف تريدون مني ان أصدقكم أنكم تريدون بناء دولة؟! وانتم الذين استلمتم الوضع الاقتصادي من بداية التسعينات إلى اليوم كيف تريدون ان أصدقكم؟ لو تركوا لهذا المواطن ان يفكر عشر دقائق فقط اجزم أنهم لن يحصلوا على ربع صوت.
ـ كنت على مدى عقود دوما المعارض، أين أنت ضمن المعارضة؟
أنا جزء من المعارضة، وانا التقي مع المعارضة في الدفاع عن الوطن، ربما نختلف في موضوع قانون الانتخاب، ولكن هذا لا يغير في ما خص النظرة إلى المشروع الأميركي الإسرائيلي في المنطقة.
ـ المعارضة مطمئنة الى فوزها في الانتخابات، هل لديك الشعور نفسه؟
المعارضة إذا نالت الاكثرية البلد لن يذهب الى التفجر، أما إذا اخذت الموالاة الاكثرية مجدداً سيأخذون البلد الى التفجر، واليوم انا أرجّح بأن المعارضة ستنال الأكثرية.
ـ سؤال اخير: ماذا تقرأ في سلوك رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان فيما خص الانتخابات؟
لدي ملاحظات عليه، اولا ماذا قدم حتى الساعة لا اعرف، ثم انه أكثر رئيس جمهورية يسافر، كان يفترض قبل ان يطلق العنان لرحلاته الخارجية ان يستند الى رصيد داخلي لكي يتحدث مع الخارج، ثم تجده يتحدث عن الصيغة اللبنانية الفريدة الحضارية، اريد ان أسال ألا يعرف الخارج أننا قاتلنا بعضنا البعض طيلة الحرب الأهلية؟!